حجر الأساس لأصول التربية السليمة
انتقلت إلى رحمة الله كلمة
عيب.
المرحومة (عيب) كانت قائدة ورائدة في زمن الابآء والأجداد.. حكمت العلاقات بالذوق ووضعت حجر الأساس لأصول التربية السليمة.
تحياتي لتلك الكلمة التي عرفناها من أفواه الآباء والأمهات.
تقبّلناها بحب وتعلّمنا أنها ما قيلت إلا لتعديل سلوكنا، فاعتبرناها مدرسة مختزلة في أحرف.
تحياتي لأكاديمية عيب التي خرّجت زوجات صابرات صنعن مجتمعات الذوق والإحترام، وتخرّج منها رجال بمعنى الكلمة كانوا قادة في الشّهامة والرّجولة.
أبجديات (عيب) جامعة بحدِّ ذاتها وحروفها المجّانية بألف دورة مدفوعة التكاليف.
بحروفك يا كلمة (عيب) قدَّر الصغير الكبير واحترم الجار جاره، وتداولنا صِلة الأرحام بمحبة وشوق.
كان الأب يقف ويقول عيب عمّك خالك جارك سَلِّم سامح.
كان يقال للبنت عيب لا ترفعي صوتك، عيب لا تلبسي كذا .. فتربّت البنات على الحشمة والسّتر والأدب.
وتربّى الشباب على غضّ البصر.
عيب لا تنظر للنسآء.
لا ترفع صوتك بوجه أستاذك.
لا تهزأ من المُسن.
وتربّى الصّغار على عيب لا تنقلوا سر الجار والدّار.
لا تسأل صديقك ما دينك ما طائفتك.
عيب كانت منبراً وخطبةً يردّدها الأهالي بثقافتهم البسيطة.
لم يكونوا خطبآء.
ولا دعاة أو مُفتين.
وإنما هي كلمتهم لإحياء فضيلة وذم رذيلة.
كلمة عيب ثُرنا عليها ذات يوم عندما قلنا عَلَّمُونا العيب قبل الحرام.
وتمرّدنا عليها ظنّاً منّا أننا سنعلّم الجيل بطريقة أفضل.
فأخذنا الحرام سيفاً بدون عيب.
فنشأ جيل جديد لم نفلح في غرس كلمة عيب ولا شقيقتها الكبرى حرام في التفاهم مع سلوكياته أو مع التطوير والتزوير المستمر في العصر والمفاهيم والقيم حتى ماتت كلمة عيب وانتهت من قاموس التربية.
إنا لله و إنا إليه راجعون.
تحياتي من القلب للمرحومة (عيب)، ولكل الأجداد والآباء الذين استطاعوا أن يجدوا كلمة واحدة يبنون بها أجيالاً تعرف الأدب والتقدير والإحترام، في الوقت الذي أخفقت محاولاتنا بكل أبجديات التربية المتطورة في الحفاظ على هذه الكلمة في قاموسنا التربوي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق